وهؤلاء منتهى نظرهم أن يروا حقيقة مطلقة مجردة تقوم في أنفسهم فيقولون: الإيمان من حيث هو [هو] (?)، والسجود من حيث هو هو، لا يجوز أن يتفاضل، ولا يجوز أن يختلف، وأمثال ذلك.

ولو اهتدوا لعلموا أن الأمور الموجودة في الخارج عن الذهن متميزة بخصائصها، وأن الحقيقة المجردة المطلقة لا تكون إلا في الذهن (?)، وأن الناس إذا تكلموا في التفاضل والاختلاف فإنما تكلموا في تفاضل الأمور الموجودة واختلافها لأن تفاضل أمر مطلق مجرد في الذهن لا وجود له في الخارج.

ومعلوم أن السواد مختلف، فبعضه أشد من بعض، وكذلك البياض، وغيره من الألوان، وأما إذا قدرنا السواد المجرد المطلق الذي يتصوره الذهن فهذا لا يقبل الاختلاف والتفاضل، لكن هذا هو في الأذهان لا في الأعيان.

ومثل هذا الغلط وقع فيه كثير من الخائضين في الأصول والفقه (?)، حيث أنكروا تفاضل العقل، أو الإيجاب و (?) التحريم.

وإنكار التفاضل في ذلك قول القاضي أبي بكر وابن عقيل (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015