ومن العجب أن المعتزلة يفتخرون بأنهم أهل التوحيد والعدل (?)، وهم في توحيدهم (?) نفوا الصفات نفياً يستلزم التعطيل والإشراك، وأما العدل الذي وصف الله به (?) فهو أن لا يظلم مثقال ذرة، وأنه من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره، وهم يجعلون جميع حسنات العبد وإيمانه حابطاً بذنب واحد من الكبائر، وهذا من الظلم الذي نزه الله نفسه عنه، وكان وصف الرب تعالى بالعدل الذي وصف به نفسه أولى من جعل العدل هو التكذيب بقدر الله تعالى.
الخامس (?): أن الله لم يجعل شيئًا يحبط [جميع] (?) الحسنات إلا الكفر، كما أنه لم يجعل شيئاً يحبط جميع السيئات إلا التوبة، والمعتزلة مع الخوارج يجعلون الكبائر محبطة لجميع الحسنات حتى الإيمان قال [الله] (?) تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217]، فعلق الحبوط بالموت على الكفر، وقد ثبت أن هذا ليس بكافر، والمعلق شرط يعدم عند عدمه (?).
وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: 5].