فوَقَفوا على بابِ أبي بكرٍ، فخرجَتْ إليهم فَقالوا: أينَ أبوكِ يا بنتَ أبي بكرٍ؟ قالتْ: قلتُ: لا أَدري واللهِ أينَ أَبي، قالتْ: فرفَعَ أبوجهلٍ يدَهُ - وكانَ فاحشاً خبيثاً - فلطَمَ خدِّي لَطمةً خرَّ مِنها قُرطي، قالتْ: ثم انصَرَفوا.
فمَضى ثلاثُ ليالٍ ما نَدري أينَ توجَّهَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إذْ أقبلَ رجلٌ مِن الجِنِّ مِن أسفلِ مكةَ يُغنِّي بأبياتِ شعرٍ غنَّى بِها العربُ، وإنَّ الناسَ لَيتبعونَه يَسمعونَ صوتَهُ وما يَرونَهُ، حتى خرجَ بأعلى مَكةَ:
جزا اللهُ ربُّ الناسِ خيرَ جزائِهِ ... رَفيقين قَالا خَيمتي أمِّ مَعبدِ
هما نَزلا بالهُدى واغتَدوا به ... فأفلَحَ مَن أَمسى رفيقَ محمدِ
لِيَهْنِ بَني كعبٍ مكانُ فتاتِهم ... ومَقعدُها للمُؤمنينَ بِمَرصدِ
قالتْ: فلمَّا سمِعْنا قولَه عرَفْنا حيثُ وجَّهَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأنَّ وجهَهُ إلى المدينةِ، وكَانوا أربعةً: رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأبوبكرٍ وعامرُ بنُ فُهيرةَ مَولى أبي بكرٍ، وعبدُاللهِ بنُ أُريقطٍ دليلُهما.
الغيلانيات (1139) حدثنا محمد بن يحيى بن سليمان: حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق .. (?).