أحدهما: التشبه بالمزدكية من المجوس، ثم بالشيوعيين من بعدهم، ومذهب هؤلاء هو أخبث مذهب طرق العالم.
وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من تشبه بقوم فهو منهم» وقد تقدم هذا الحديث والكلام عليه في أول الكتاب فليراجع.
وعلى هذا فالحكم في الاشتراكيين كالحكم في المزدكيين والشيوعيين سواء بسواء.
الأمر الثاني: الاعتراض على أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين وعدم الرضاء بقضائه وقسمته بين عباده. فإن الله تبارك وتعالى فاوت بين الناس في الأرزاق فجعل بعضهم أغنياءً وبعضهم فقراءً كما فاوت بينهم في العقول والأخلاق والعلوم والقوى والألوان والأشكال والأعمار والصحة والأسقام وغير ذلك ليعلم من يطيعه ممن يعصيه ومن يشكره ممن يكفره. قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِيمَا آتَاكُمْ}. وقال تعالى: {وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ}، وقال تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً}. وقال تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}، وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}. وقال تعالى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} والآيات في هذا المعنى كثيرة.