ومن ذلك استحلال أهل البنوك للربا الصريح زعما منهم أن الربا الذي يأخذونه من صاحب المال إنما هو في مقابلة راحته من حمل ماله فهو كالأجرة على نقل المال من بلد إلى بلد آخر وهذه الحيلة شبيهة بحيل اليهود على استحلال المحرمات.
وقد روى ابن بطة بإسناد جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل».
وقد زعم بعض العصريين في مقال له منشور في بعض الصحف المشئومة أن الزيادة التي يأخذها أهل البنوك من أرباب الأموال هي السفتجة الجائزة وهذا خطأ ظاهر فإن السفتجة التي أجازها من أجازها من الفقهاء هي المعروفة في زماننا بالتحويل ومعناها اشتراط القضاء في بلد آخر وصورتها أن يقترض زيد من عمرو ألف درهم في مكة ويكتب معه كتابا إلى وكيله في المدينة ليسلم الوكيل الألف لعمرو في المدينة فينتفع زيد بالقرض ويربح عمرو خطر الطريق.
قال صاحب القاموس: السفتجة أن يعطي مالا لآخر وللآخر مال في بلد المعطى فيوفيه إياه ثم فيستفيد أمن الطريق.
قال مرتضى الحسيني في «تاج العروس»: واختلفت عبارات الفقهاء في تفسيرها فمنهم من فسرها بما قاله المصنف وفسرها بعضهم فقال هي كتاب صاحب المال لوكيله أن يدفع مالاً قراضًا يأمن به من خطر الطريق وقال في النهر: هي بضم السين، وقيل: بفتحها وفتح التاء معرب سفته.
وفي «شرح المفتاح»: بضم السين وفتح التاء الشيء المحكم سمي به