وكذلك الخلفاء الراشدون بعده كانوا يخطبون أبلغ الخطب ويخطب عندهم البلغاء وتنشد عندهم الأشعار الجيدة ولم ينقل عنهم ولا عن غيرهم من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يصفقون عند التعجب والاستحسان وإنما نقل عن كفار قريش أن بعضهم صفقوا تعجبًا لما أخبرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أسري به إلى بيت المقدس. فهؤلاء هم سلف المصفقين عند التعجب والاستحسان وسلفهم الآخر الإفرنج وأشباههم من أعداء الله تعالى. وكل امرئ يهفو إلى ما يناسبه. ومن تشبه بقوم فهو منهم.
ولهم أيضا سلف ثالث من شر السلف وهم قوم لوط فقد روى ابن عساكر في تاريخه عن الحسن البصري مرسلا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «عشر خصال عملها قوم لوط بها أهلكوا وتزيدها أمتي بخلة» فذكر الخصال ومنها التصفيق.
وللمصفقين أيضا سلف رابع من شر السلف وهم جهال المتصوفة ومبتدعوهم.
قال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى: إذا طرب أهل التصوف لسماع الغناء صفقوا ثم ساق بإسناده إلى أبي علي الكاتب قال: أن ابن بنان يتواجد وكان أبو سعيد الخراز يصفق له.
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: والتصفيق منكر يطرب ويخرج عن الاعتدال ويتنزه عن مثله العقلاء ويتشبه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت من التصدية وهي التي ذمهم الله عز وجل بها فقال: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}. فالمكاء الصفير والتصدية