قال أبو جعفر محمد بن أحمد بن المثنى: أتيت أحمد بن حنبل فجلست على بابه أنتظر خروجه فلما خرج قمت إليه فقال لي: أما علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أحب أن يتمثل الناس له قياما فليتبوأ مقعده من النار» فقلت له: إنما قمت إليك لا لك فاستحسنه.
فصل
النوع الخامس والعشرون: من التشبه بأعداء الله تعالى ما يفعله كثير من الجهال من التصفيق في المجالس والمجامع عند رؤية ما يعجبهم من الأفعال وعند سماع ما يستحسنونه من الخطب والأشعار وعد مجيء الملوك والرؤساء إليهم. وهذا التصفيق سخف ورعونة ومنكر مردود من عدة أوجه.
أحدها: أن فيه تشبهًا بأعداء الله تعالى من المشركين وطوائف الإفرنج وأشباههم.
فأما المشركون فقد قال الله تعالى عنهم: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}.
قال أهل اللغة وجمهور المفسرين: المكاء الصفير، والتصدية: التصفيق، وبهذا فسره ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم. فأما ابن عمر رضي الله عنهما فرواه ابن جرير عنه وفيه أنه حكى فعل المشركين فصفر وأمال خده وصفق بيديه.
وروى ابن أبي حاتم عنه رضي الله عنه أنه قال: إنهم كانوا يضعون خدودهم على الأرض ويصفقون ويصفرون.