ولا يقوم لهم في اللقاء المعتاد. فأما القيام لمن قدم من سفر ونحو ذلك تلقيًا له فحسن.
وإذا كان من عادة الناس إكرام من يجيء بالقيام ولو ترك ذلك لاعتقد أن ذلك بخس لحقه أو قصد لخفضه ولم يعلم العادة الموافقة للسنة فالأصلح أن يقام له، لأن في ذلك إصلاح ذات البين وإزالة للتباغض والشحناء.
وأما من عرف عادة القوم الموافقة للسنة فليس في ترك ذلك إيذاء له وليس هذا القيام هو القيام المذكور في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من سره أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار» فإن ذلك أن يقوموا له وهو قاعد ليس هو أن يقوموا لمجيئه إذا جاء ولهذا فرقوا بين أن يقال قمت إليه وقمت له.
والقائم للقادم قد ساواه في القيام بخلاف القائم للقاعد.
وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما صلى بهم قاعدًا في مرضه وصلوا قيامًا أمرهم بالقعود وقال: «لا تعظموني كما تعظم الأعاجم بعضها بعضًا» فقد نهاهم عن القيام في الصلاة وهو قاعد لئلا يتشبهوا بالأعاجم الذين يقومون لعظمائهم وهم قعود.
وجماع ذلك أن الذي يصلح اتباع عادة السلف وأخلاقهم والاجتهاد في ذلك بحسب الإمكان فمن لم يعتد ذلك أو لم يعرف أنه العادة وكان في ترك مقابلته بما اعتاده الناس من الإكرام مفسدة راجحة فإنه يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما كما تحصل المصلحة بتفويت أدناهما انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
وقال أيضا في الفتاوى المصرية: ينبغي ترك القيام في اللقاء المتكرر