أحدهما عن صاحبه ففي كون هذا تشبها نظر. لكن قد ينهى عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه ولما فيه من المخالفة كما أمر بصبغ اللحى وإعفائها وإحفاء الشوارب، مع أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: «غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود» دليل على أن التشبه بهم يحصل بغير قصد منا ولا فعل بل بمجرد ترك تغيير ما خلق فينا، وهذا أبلغ من الموافقة الفعلية الاتفاقية وقد روي في هذا الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن التشبه بالأعاجم، وقال: «من تشبه بقوم فهو منهم»، ذكره القاضي أبو يعلى، وبهذا احتج غير واحد من العلماء على كراهة أشياء من زي غير المسلمين. قال محمد بن حرب سئل أحمد عن نعل سندي يخرج فيه فكرهه للرجل والمرأة وقال: إن كان للكنيف والوضوء فلا بأس، وأكره الصرار قال: وهو من زي الأعاجم. وروى الخلال عن أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: سألت سعيد بن عامر عن لباس النعال السبتية فقال: زي نبينا أحب إلينا من زي باكهن ملك الهند ولو كان في مسجد المدينة لأخرجوه من المدينة.
وقال الشيخ رحمه الله تعالى أيضًا: قد بعث الله عبده ورسوله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالحكمة التي هي سنته وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له، فكان من هذه الحكمة أن شرع له من الأعمال والأقوال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين وأمر بمخالفتهم في الهدي الظاهر وإن لم يظهر لكثير من الخلق في ذلك مفسدة لأمور:
منها أن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبًا وتشاكلاً بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس فإن اللابس لثياب أهل العلم مثلا يجد من نفسه نوع انضمام إليهم واللابس