وروى الإمام أحمد أيضا وأبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل» قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبي في تلخيصه وصححه أيضا النووي وغيره.
وروى الإمام أحمد أيضا والطبراني وأبو نعيم في «الحلية» عن عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليس منا من تشبه بالرجال من النساء ولا من تشبه بالنساء من الرجال» قال الهيثمي: رجال الطبراني كلهم ثقات. قلت: وكذا رجال أبي نعيم وأما إسناد أحمد ففيه رجل مبهم وبقية رجاله ثقات. وإذا كانت الساعة من حديد ونحوه فللمنع منها في حق الرجال علتان التشبه بالنساء والتشبه بأهل النار وهذا مما يزيد المنع تأكيدًا والله أعلم.
وقد رأينا المتحلين بالساعات من الرجال يضعونها في اليسار تقليدا للإفرنج وذلك أن أعداء الله تعالى يعظمون اليسار كما يعظم المسلمون اليمين فهم يأكلون باليسار ويشربون باليسار وكتابتهم وكتبهم منكوسة من جهة اليسار ولبسهم للساعات في اليسار وهم أول من لبسها وتحلى بها. وقد قلدهم كثير من جهال المسلمين في تعظيم اليسار بالأكل والشرب بها والتحلي فيها بالساعات وغير ذلك مما تبعوهم فيه وهؤلاء قد جمعوا بين التشبه بالنساء والتشبه بالأحياء من الكفار وبالأموات منهم وهم أهل النار فالله المستعان.
وقد تقدم في أول الكتاب قول شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية