قال الشيخ أبو محمد المقدسي رحمه الله تعالى في المغني ويحرم اتخاذ الآنية من الذهب والفضة واستصناعها؛ لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال كالطنبور والمزمار ويستوي في ذلك الرجال والنساء لعموم الحديث.
قلت: يعني بذلك حديث حذيفة وحديث أم سلمة. قال: ولأن علة تحريمها السرف والخيلاء وكسر قلوب الفقراء وهذا معنى يشمل الفريقين وإنما أبيح للنساء التحلي للحاجة إلى التزين للأزواج فتختص الإباحة به دون غيره. انتهى.
العلة الثانية التشبه بالكفار كما يفيد ظاهر حديث حذيفة رضي الله عنه الذي تقدم في أول الفصل والتشبه بالكفار حرام لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من تشبه بغيرنا»، رواه الترمذي. ولحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تشبه بقوم فهو منهم».
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى: هذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} انتهى.
وهذه العلة أقوى من الأولى لحديث حذيفة المتقدم في أول الفصل.
ولما روى الخلال بإسناده عن محمد بن سيرين أن حذيفة رضي الله عنه أتى بيتا فرأى فيه شيئًا من زي العجم فلم يدخله، وقال: «من تشبه بقوم فهو منهم».