هذا في بني إسرائيل فقال حذيفة رضي الله عنه: «نعم الإخوة لكم بنو إسرائيل إن كان لكم الحلو ولهم المر كلا والذي نفسي بيده حتى تحذى السنة بالسنة حذو القذة بالقذة».
فصل
وقد وقع ما أخبر به الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه من اتباع أمته لسنن أعداء الله تعالى حذو القذة بالقذة، ولا سيما في زماننا هذا فإنه لم يبق شيء مما يفعله اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم من أعداء الله تعالى إلا ويفعل مثله في كثير من الأقطار الإسلامية، وقد تضمن إخباره - صلى الله عليه وسلم - بذلك تحذير المؤمنين عن سلوك مسالك العصاة المتشبهين بأعداء الله تعالى فإن من تشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم.
لما روى البيهقي بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «من بنى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة».
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى: وهذا يقتضي أنه جعله كافرًا بمشاركتهم في مجموع هذه الأمور، أو جعل ذلك من الكبائر الموجبة للنار وإن كان الأول ظاهر لفظه، فتكون المشاركة في بعض ذلك معصية لأنه لو لم يكن مؤثرًا في استحقاق العقوبة لم يجز جعله جزءًا من المقتضي إذ المباح لا يعاقب عليه وليس الذم على بعض ذلك مشروطًا ببعض؛ لأن أبعاض ما ذكره تقتضي الذم مفردًا انتهى.