والْعَمَالِقَةِ يَنْتَجِعُونَ (?) فِي جِبَالِهَا وَأَوْدِيَتِهَا وَلاَ يَخْرُجُونَ مِنْ حَرَمِهَا انْتِسَاباً إلى الْكَعْبَةِ لاسْتِيلاَئِهِمْ عَلَيْهَا وَتَخَصُّصاً بالْحَرَمِ لِحُلولِهِمْ فِيهِ وَيَرَوْنَ أَنهُم سَيَكُونُ لَهُمْ بِذلِكَ شَأْنٌ، وكُلَّمَا كَثُرَ فِيهِمْ الْعَدَدُ وَنَشَأَتْ فِيهِمْ الرياسَةُ قَوِيَ أمَلُهُمْ وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ سَيَتَقَدَمُونَ عَلَى العربِ. وَكَانَ فُضَلاَؤُهُمْ يَتَخَيَّلُونَ أَنَّ ذلِكَ لِرياسَةٍ في الدينِ وَتَأْسِيساً لِنبوّة ستكُونُ، فَأَوَّلُ مَنْ أُلهِمَ ذلِكَ مِنْهُم كَعْبُ بنُ لُؤَيِّ بن غَالِبٍ وَكَانَتْ قُرَيْش تَجْتَمعُ إِلَيْهِ في كُل جُمعةٍ وَكَانَ يَخْطُبُهُمْ فِيهِ وَيَذْكُرُ لَهُمْ أمْرَ نَبِيّنا محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ انْتَقَلَتْ الرياسَةُ إلَى قُصي بنِ كَلاَبٍ فَبَنى بِمَكَّةَ دَارَ النّدْوَةِ لِيَحْكُمَ فِيهَا بَيْنَ قُرَيْش ثُم صَارَتْ لِتَشَاوُرِهِمْ وَعَقْدِ الأَلْوِيةِ لحُرُوبِهِم.
قَالَ الْكَلْبِيُّ: وَكَانَتْ أوَّلَ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَكَّةَ ثُمَّ تتابَعَ النَّاسُ فَبَنَوا الدُّورَ وكُلَمَا قَرُبُوا مِنَ الإِسْلاَمِ ازْدَادُوا قُوَّةً وَكَثْرَةَ عَدَدٍ حَتى دَانَتْ لَهُمُ الْعَرَبُ.
الثَّانِيَةُ والثَّلاَثُون: يُكْرَهُ حَمْلُ السِّلاحِ بِمَكَّةَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ثَبَتَ في صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابر رَضِيَ الله عَنْهُ أنَّ النَبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: لاَ يَحِلُّ أَنْ يُحْمَلَ السّلاحُ بِمَكَّةَ.
الثَّالِثَةُ والثلاَثُون: قَالَ أصْحَابُنَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايةِ أنْ تُحَجّ الكَعْبَةُ كُلَّ سَنةٍ فَلاَ تُعَطّلُ (?) وَلاَ يُشْتَرَطُ لِعَدَدِ الْمُحَصّلِينَ لِهذَا الفْرَضِ قَدْرٌ مَخْصُوصٌ بَلِ الْغَرَضُ أنْ يُوجَدَ حَجهَا في الْجُمْلَةِ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ في كُلِّ سَنَة مَرَةً.