وَاعْلَمْ أَن الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ يُطلَقُ وَيُرَادُ بهِ هَذَا المسجدُ وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ (?)، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْحَرَم وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَكةُ، وَقِيلَ هَذَانِ الأَمْرَانِ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أعْلَمُ.
الحَادِيةُ وَالثَّلاَثُونَ: في أُمُورٍ تتعَلَّقُ بِمَكَّةَ. اعْلَمْ أنَّ لَهَا سِتَّةَ عَشَرَ اسْمَاً: مَكَّةُ، وَبَكّةُ وَالْبَلَد، وَأُمُّ الْقُرَى، وَالْبَلَدُ الأَمِينُ، وَأُمُّ رُحْمٍ (?)، لأَنَّ النّاسَ يَتَرَاحَمُونَ وَيَتَوَاصَلُونَ فِيهَا، وَصَلاَح بِفَتَحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْحَاءِ كَمَا قَالُوا: حَذَامِ وَقَطَامِ بنوهُمَا عَلَى الْكَسْرِ سُمَّيَتْ بِذَلِكَ لِأَمْنِهَا وَيقالُ لَهَا الْمُقَدّسَةُ، وَالْقَادِسَةُ، مَأْخُوذَانِ مِنَ التَّقْدِيسِ وَهُوَ التَّطْهِيرُ، والنَّاسَّةُ بالنُّونِ والسينِ المهملةِ المُشَدّدة، والنَّسَّاسَةُ بتشديدِ السين الأُولَى قِيلَ لأَنَّهَا تنسُّ مَنْ ألْحَدَ فِيهَا أي تَطْرُدُهُ وَتَنْفِيهِ.
وقَالَ الأَصْمَعِي النسُّ الْيَبْسُ وَقِيلَ لِمَكَّةَ نَاسَّة لقِلَّةِ مَائِهَا وَيقَالُ البَاسَّةُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ لأَنهَا تَبُسُّ الْمُلْحِدَ أي تُحَطمُه وَتُهْلِكُهُ وَمِنْهُ قَوْلُ الله تَعَالَى: