وَإنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِغَيْرِهِا، قُلْتُ: وَالصَّحِيحُ هُوَ الأَوّلُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُوِر أَنهُ أوَّلُ بيتِ وُضِعَ مُطْلَقاً والله أعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى مُبَارَكاً مَعْنَاهُ كَثِيرُ الْخَيْرِ، وَانْتَصَبَ مُبَارَكاً عَلَى الْحَالِ. قَالَ الزّجاجُ وَغَيْرُهُ: الْمَعْنَى اسْتَقَرّ بمَكَّةَ في حَالِ بَرَكَتِهِ وَهُوَ حَالُ مِنْ وضع أي وُضِعَ مُبَارَكاً، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} الْمُخْتَارُ أَنهَا الْمَنَاسِكُ وَأمْنُ الخائِفِ وانْمَحَاقُ الجِمَارِ مَعَ كَثْرَةِ الرَّمْي وَالرَّامِينَ عَلَى تكَرُّر الأَعْصَارِ وَالسنِين، وَامْتناعُ الطيْرِ مِنَ الْعُلُو عَلَيْهِ واستشفاء الْمَريضِ بِهِ وَتَعْجِيلِ الْعُقُوبةِ لِمَنِ انْتَهَكَ فِيهِ حَرَمَهُ وَإِهْلاَك أَصْحَابِ الْفِيلِ لَمَّا أَرَادُوا تَخْرِيبَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ (?).
قَالَ أبُو الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ: جَعَلَ إِبْرَاهِيمُ - صلى الله عليه وسلم - طُولَ بِنَاءِ الْكَعْبةِ في السَّمَاء تسعْةَ أذرُعٍ (?) وَطُولَهَا في الأَرْضِ ثَلاَثِينَ ذِرَاعاً (?) وَعَرْضَهَا في الأَرْضِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ ذِرَاعاً، وَكَانَتْ غَيْرَ مُسَقفَةٍ ثُمَّ بَنَتْهَا قُرَيش في الْجَاهِلِيةِ فَزَادَتْ فِي طُولها في السمَاءِ تسْعَةَ أذْرُعِ فَصَارَ طُولُهَا ثَمَانِيةَ عَشَرَ ذِرَاعاً وَنَقَصُوا مِنْ طُولهَا في الأَرْضِ سِتةَ أذْرُعٍ وَشِبْراً تركُوهَا في الْحِجْرِ فَلَمْ تَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتى كَانَ