اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا} أي: فأتياهم، فأبلغاهم الرسالة، فكذبوهما، فدمرناهم، وقوله: {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بنِي إِسْرائيلَ قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ} ، أي: فأتياه أبلغاه ذلك، فلما سمعه: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ} ، ويجوز أن يكون التقدير فأتياه فأبلغاه ذلك ثم يقدر: فماذا قال؟ فيقع قوله: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ} استئنافا، ونحوه قوله: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ، قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ} ، أي: ففعل ذلك، فأخذت الكتاب، فقرأته، ثم كأن سائلا قال: فماذا قالت؟ فقيل: قالت: يا أيها الملأ. وأما قوله تعالى2: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ} فقال الزمخشري في تفسيره: هذا موضع الفاء كما يقال: أعطيته فشكر، ومنعته فصبر، وعطفه بالواو إشعارًا بأن ما قالاه بعض ما أحدث فيهما العلم، كأنه قال: فعملا به وعلماه وعرفا حق النعمة فيه والفضيلة وقالا: الحمد لله، وقال السكاكي2: يحتمل عندي أنه تعالى أخبر عما صنع بهما وعما قالا، كأنه قال: نحن فعلنا إيتاء العلم وهما فعلا الحمد من غير بيان ترتبه عليه اعتمادا على فهم السامع كقولك: قم يدعوك، بدل: قم فإنه يدعوك.

واعلم أن الحذف على وجهين: أحدهما أن لا يقام شيء مقام المحذوف3 كما سبق 4. والثاني أن يقام مقامه ما يدل عليه كقوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُم} ليس إلا بلاغ هو الجواب؛ لتقدمه على توليهم5، والتقدير فإن تولوا فلا لوم علي لأني قد أبلغتكم، أو فلا عذر لكم عند ربكم، وقوله: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015