قد بلغت شدتها وفظاعة شأنها مبلغا يبهت الواصف معه حتى لا يحير ببنت شفة ... " وأما غير ذلك1 كقوله تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} . أي: ومن أنفق من بعده وقاتل بدليل ما بعده2. ومن هذا الضرب قوله تعالى: {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ 3 شَيْبًا} ؛ لأن أصله: يا رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس مني شيبًا4. وعده السكاكي5 من القسم الثاني من الإيجاز6 على ما فسره، ذاهبا إلى أنه وإن اشتمل على بسط فإن انقراض الشباب وإلمام المشيب جديران بأبسط منه، ثم ذكر فيه لطائف يتوقف بيانها على النظر في أصل المعنى ومرتبته الأولى، ثم أفاد أن مرتبته الأولى: "يا رب قد شخت" فإن الشيخوخة مشتملة على ضعف البدن وشيب الرأس، ثم تركت هذه المرتبة؛ لتوخي مزيد التقرير إلى تفصيلها في: "ضعف بدني وشاب رأسي" ثم ترك التصريح بضعف بدني إلى الكناية بوهنت عظام بدني؛ لما سيأتي أن الكناية أبلغ من التصريح، ثم لقصد مرتبة رابعة أبلغ من التقرير بنيت الكناية على المبتدأ فحصل: أنا وهنت عظام بدني، ثم لقصد مرتبة خامسة أبلغ أدخلت إن على المبتدأ فحصل: "إن وهنت عظام بدني" ثم لطلب تقرير أنا الواهن عظام بدنه قصد مرتبة سادسة وهي سلوك طريقي الإجمال والتفصيل، فحصل أني وهنت العظام من بدني، ثم لطلب مزيد اختصاص العظام به قصد مرتبة سابعة وهي ترك توسيط البدن، فحصل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015