فإن لفظ الندى فيه حشو يفسد المعنى؛ لأن المعنى أنه لا فضل في الدنيا للشجاعة والصبر والندى لولا الموت. وهذا الحكم صحيح في الشجاعة1 دون الندى؛ لأن الشجاع لو علم أن يخلد في الدنيالم يخش الهلاك في الإقدام فلم يكن لشجاعته فضل2 بخلاف الباذل ما له، فإنه إذا علم أنه يموت هان عليه بذله. ولهذا يقول إذا عوتب فيه: كيف لا أبذل ما لا أبقى له؟ أنى أثق بالتمتع بهذا المال. وعليه قوله طرفة:

فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي ... فذرني أبادرها بما ملكت يدي

وقول مهيار:

فكل إن أكلت وأطعم أخاك ... فلا الزاد يبقى ولا الآكل

فلو علم أنه يخلد ثم جاد بماله كان جوده أفضل. فالشجاعة لولا الموت لم تحمد والندى بالضد.

وأجيب عنه: بأن المراد بالندى في البيت بذل النفس لا بذل المال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015