وأما قوله تعالى: {مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيم} ، فيحتمل التبيين والتأكيد: أما التبيين؛ فلأنه يمتنع أن يخرج من جنس البشر ولا يدخل في جنس آخر فإثبات الملكية له تبيين لذلك الجنس وتعيين، وأما التأكيد؛ فلأنه إذا كان ملكًا لم يكن بشرًا؛ ولأنه إذا قيل في العرف لإنسان ما هذا بشر حال تعظيم له وتعجب ما يشاهد منه من حسن حلق أو خلق كان الغرض أنه ملك بطريق الكناية. فإن قيل هلا نزلتم الثانية منزلة بدل الكل من متبوعه في بعض الصور، ومنزلة النعت من متبوعه في بعض قلنا،1؛ لأن بدل الكل لا ينفصل عن التأكيد إلا بأن، لفظه غير لفظ متبوعه وأنه مقصود بالنسبة دون متبوعه بخلاف التأكيد، والنعت لا يفصل عن عطف البيان2، إلا بأنه يدل على بعض أحوال متبوعه لا عليه، وعطف البيان بالعكس3 وهذه كلها اعتبارات لا يتحقق شيء منها فيما نحن بصدده4.