وهي نحو قولك أزيدًا ضربت أم عمرًا، لمن يدعي أنه ضرب إما زيدًا وإما عمرًا دون غيرهما؛ لأنه إذالم يتعلق الفعل بأحدهما والتقدير أنه لم يتعلق بغيرهما فقد انتفي من أصله لا محالة وعليه قوله تعالى: {قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْن} ؟ أخرج اللفظ مخرجه إذا كان قد ثبت تحريم في أحد الأشياء ثم أريد معرفة عين المحرم مع أن المراد إنكار التحريم من أصله. وكذا قوله: {آللهُ أَذِنَ لَكُمْ} ، إذ معلوم أن النهي على إنكار أن يكون قد كان من الله تعالى إذن فيما قالوه من غير أن يكون هذا الإذن قد كان من غير الله فأضافوه إلى الله، إلا أن اللفظ أخرج مخرجه إذا كان الأمر كذلك ليكون أشد لنفي ذلك وإبطاله، فإنه إذا نفي الفعل عما جعل فاعلًا له في الكلام ولا فاعل له غيره لزم فيه من أصله، قال السكاكي رحمه1 الله: وإياك أن يزول عن خاطرك التفصيل الذي سبق في نحو أنا ضربت وأنت ضربت وهو ضرب. من احتمال الابتداء واحتمال التقديم وتفاوت المعنى في الوجهين، فلا تحمل نحو قوله تعالى: {آللَّهُ أَذِنَ لَكُم} على التقديم2، فليس المراد أن الإذن ينكر من الله دون غيره، ولكن أحمله على الابتداء مرادًا منه تقوية حكم الإنكار. وفيه نظر؛ لأنه إن أراد أن نحو هذا التركيب أعني ما يكون الاسم الذي يلي الهمزة فيه مظهرًا لا يفيد توجه الإنكار إلى كونه فاعلًا للفعل الذي بعده فهو ممنوع، وإن أراد أنه يفيد ذلك إن قدر تقديم وتأخير وإلا فلا على ما ذهب إليه فيما سبق فهذه الصورة مما منع هو ذلك فيه على ما تقدم3.