والتخصيص1 في غالب الأمر لازم للتقديم2 ولذلك يقال في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين} معناه نخصك بالعبادة لا نعبد غيرك ونخصك بالاستعانة لا نستعين غيرك، وفي قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُون} معناه أن كنتم تخصونه بالعبادة وفي قوله تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] ، أخرت صلة الشهادة2 في الأول وقدمت في الثاني 4؛ لأن الغرض في الأول إثبات شهادتهم على الأمم وفي الثاني اختصاصهم بكون الرسول شهيدًا عليهم. وفي قوله تعالى: {لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُون} معناه إليه لا إلى غيره، وفي قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} معناه لجميع الناس من العرب والعجم على أن التعريف للاستغراق، لا لبعضهم المعين على أنه5 للعهد أي للعرب، لا لمسمى الناس على أنه للجنس، لئلا يلزم من الأول اختصاصه بالعرب دون العجم لانحصر الناس في الصنفين، ومن الثاني اختصاصه بالإنس دون الجن لانحصار من يتصور الإرسال إليهم من أهل الأرض فيهما، وعلى تقدير الاستغراق لا يلزم شيء من ذلك؛ لأن التقديم لما كان مفيدًا لثبوت الحكم للمتقدم ونفيه عما يقابلها كان تقديم "للناس" على "رسولا" مفيدًا لنفي.