فيمن قرأ بالتاء وكذا قوله تعالى: {يَا أيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21] غلب المخاطبون في قوله لعلكم تتقون على الغائبين في اللفظ، والمعنى على إرادتهما جميعًا؛ لأن لعل متعلقة بخلقكم لا باعبدوا، وهذا من غوامض التغليب. وكقوله تعالى: {وجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ أزْوَاجًا وَمِنَ الأانْعَامِ أزْوَاجًا يَذْرَؤكُمْ فِيهِ} [الشورى: 11] ، فإن الخطاب فيه شامل للعقلاء والأنعام، فغلب فيه المخاطبون على الغيب والعقلاء على الأنعام، وقوله تعالى: {يَذْرَؤكُمْ فِيهِ} أي يبثكم ويكثركم في هذا التدبير وهو أن جعل للناس والأنعام أزواجًا حتى كان بين ذكورهم وإناثهم التوالد والتناسل فجعل هذا التدبير كالمتبع والمعدن للبث والتكثير ولذلك قيل يذرؤكم فيه ولم يقل به كما في قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاة} .
واعلم أنه لما كانت هاتان الكلمتان1 لتعليق أمر2 بغيره، أعي الجزاء بالشرط، في الاستقبال3، امتنع في كل واحدة من جملتيهما الثبوت4 وفي أفعالهما المضي، أعني أن يكون كلتا الجملتين أو إحداهما.