واعلم أن ما ذكره هذا القائل1 -من كون كل في النفي مفيدة للعموم تارة وغير مفيدة للعموم أخرى- مشهور. وقد تعرض له الشيخ عبد القاهر2 وغيره.. قال الشيخ "عبد القاهر": كلمة كل في النفي إن أدخلت في حيزه، بأن قدم عليها: لفظًا، كقول أبي الطيب:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه ... "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن"
وقول الآخر: ما كل رأي الفتى يدعو إلى رشد3.
وقولنا "ما جاء القوم كلهم" وما جاء كل القوم، "ولم آخذ الدراهم كلها"، ولم آخذ كل الدراهم. أو تقديرًا، بأن قدمت4 على الفعل المنفي وأعمل فيها؛ لأن العامل رتبته التقدم على المعمول كقولك كل الدراهم لم آخذ، توجه النفي إلى الشمول خاصة دون أصل الفعل، وأفاد الكلام ثبوته لبعض أو تعلقه5 ببعض.. وإن أخرجت6 من حيزه بأن قدمت عليه لفظًا ولم تكن معمولة للفعل المنفي