المقدمة

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} (?)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

فإن التفكر في مخلوقات الله وآياته العظيمة، وما يحدثه الله -عز وجل- في هذا الكون، علويه وسفليه، من ليل ونهار، ورياح وأمطار، ورعد وبرق، وخسوف وكسوف، وزلازل وبراكين، وفيضانات وسيول وغير ذلك، كل ذلك بتصريف من الله وحده -عز وجل- عظهٌ واعتبار لمن اعتبر.

وهذا التفكر يدل على أن هذا الكون له خالق مالك متصرف، مستحق للعبادة وحده، فهو سبحانه يظهر آياته الكونية للناس ليستدلوا بها على أنه هو المستحق للعبادة وحده، وأن كل ما سواه هو الباطل الذي يضمحل ويفنى، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (?)، قال ابن جرير -رحمه الله-: " هذا الذي أخبرتك يا محمد أن الله فعله من إيلاجه الليل في النهار، والنهار في الليل، وغير ذلك من عظيم قُدرته، إنما فعله بأنه الله حقا، دون ما يدعوه هؤلاء المشركون به، وأنه لا يقدر على فعل ذلك سواه، ولا تصلح الألوهة إلا لمن فعل ذلك بقُدرته" (?).

قال القاسمي (?) -رحمه الله-: " {ذَلِكَ} إشارة إلى ما ذكر من سعة العلم وشمول القدرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015