الثالث: مؤلفات استقلت فلم تعن بقضايا التأصيل كالمؤلفات المذكورة سلفاً، ولكنها تعد أصولاً اعتمد عليها من ألف في البدعة وأخذ عنها واقتبس منها (?).
ويتضح مما سبق عناية العلماء برد البدع؛ لأن في هذه الطريقة افحاماً للمخالفين من أصحاب البدع المتقابلة وإضعافاً لهم وكشفاً لتناقضهم؛ وفي هذا نصحٌ لأصحابها، وتبصير للمفتونين بحقيقتها.
وقد كان أهم ما سلكه علماء السلف والخَلَف في إنكار تلك البدع المتقابلة التمسك بالآثار الشرعية، وعدم العدول عن منهجها في التعبد، قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} الأنعام: 153. وقال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} الأنفال: 46. ولو ربطنا بين قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} وبين قوله: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} لوصلنا إلى حقيقة مفادها أن التمسك بالكتاب والسنة هو الطريق الوحيد للنجاة من الفرقة.
أخرج مالك (?) في موطئه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه)) (?). فالحديث يُبين أن النجاة من الضلالة لا تكون إلا بالالتزام بنور الكتاب والسنة، فالنجاة من الضلالة هي بذاتها الهداية.