خالق الخير، وإله الظلمة: وهو خالق الشر (?)، ويكفي في الرد عليهم قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} الصافات: 96.
أرادت القدرية تنزيه الله - عز وجل - عن الظلم، حتى لا تنتفي عنه صفة العدل، فغلوا في جانب التصديق بالأمر والنهي والوعد والوعيد، ما جرهم إلى الظن بأنه لا يتم هذا إلا بالتكذيب بالقدر (?)، وزعموا أن هذا مقتضى العدل؛ فأدخلوا إنكار مشيئة الله وخلقه أفعال عباده في فروع أصل العدل الذي أصلوه؛ بل حكموا على أفعاله - عز وجل - بأحكام من جهة النظر إلى الخلق، فجعلوا فعلاً لله - عز وجل - واجباً عليه بالنسبة للجميع، وجعلوا فعلاً لله - عز وجل - ممتنعاً عليه بالنسبة للجميع، وخلاف القدرية في مسألة الاستطاعة ناشئ عن أنهم قالوا: الواجب على الله - عز وجل - أن يجعل الناس سواء فيما يطيعهم، فكون هذا يوفق، وهذا يخذل، هذا غير سائغ؛ لأنه تفريق فإذا جعلنا الأصل هو أن يكون الناس سواسية (?)،
فإن هذا قاعدة نبني عليها غيرها من مسائل القدر، وبهذا نشأت أقوال كثيرة محدثة في القدر وخلاف متنوع في المسائل العقلية، وما يجب على الرب - عز وجل -، وما لا يجوز عليه (?).