موضوع القضاء والقدر من الموضوعات الكبرى التي خاض فيها جميع الناس، وشغلت أذهان الفلاسفة والمتكلمين، وأتباع الطوائف من أهل الملل ومن غيرهم (?)، كما اعتُبِر القضاء والقدر والمسائل المندرجة تحته من أهم القضايا التي تناولها العلماء بالاهتمام والدراسة، حتى أفردها البعض منهم بالكتابة والتأليف (?).
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الخوض والجدل في هذه القضية قد بدأت جذوره على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث نهى عن ذلك صراحة؛ إلا أن أسئلة الصحابة - رضي الله عنهم - حينها كانت أسئلة استفهام، فإذا ما جاءهم الجواب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اعملوا فكل ميسر لما خلق الله)) (?) اكتفوا به، بل كان لهذا الجدل وجود قبل ظهور الإسلام كما أخبرنا الله - عز وجل - بذلك في كتابه المبين عن كفار قريش ومن سبقهم من مشركي الأمم أنهم ينسبون شركهم وما هم عليه من المعاصي إلى مشيئته - عز وجل - قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35)} النحل: 35، وقوله تعالى على لسانهم: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا} النحل: 35. (?).