وهذا هو ديدن فرق الباطنية جميعاً: إنكار اليوم الآخر، وعدم الإيمان به، وزعمهم أن للشريعة ظاهراً وباطناً.
نلحظ أن كثيراً من انحراف هؤلاء، إنما هو نتيجة التزامهم بما اعتمدوه من كليات عقلية وقواعد منطقية، أدت بهم إلى التفريط في باب الإيمان باليوم الآخر (?)، وهذا واضح بين في إنكار الوعيدية -الخوارج وبعض المعتزلة- لوجود الجنة والنار قبل يوم القيامة، وإنكارهم لعذاب القبر (?)، والشفاعة (?)، والميزان والصفات الثابتة له، وإنكار الصراط (?)؛ لأن إثباتهم لهذا يخالف أصلاً من أصولهم وهو خلود الفساق المذنبين من المسلمين في النار، وعدم خروجهم، وجعلت الشفاعة خاصة بالتائبين المنيبين في زيادة ثوابهم ورفعة منزلتهم (?).
كما أن الجبرية تعتقد أن العبد مجبور على أفعاله -بزعمهم-، فآل بهم هذا إلى إنكار الحساب، أما الإسماعيلية فالقيامة عندهم هي: عبارة عن عودة الروح إلى مبدئها وهي النفس الكلية، وهذا يعني إبطال العقاب والثواب في الجنة والنار؛ لأن العقاب عندهم هو الآلام التي تراها الروح في تقلبها في الأجساد المختلفة، وأما الثواب فهو اللذات التي يأخذها المؤمن من مراتب العلوم (?).