يجب الالتزام بمنهج الوحي في الرد، ولا ترد البدعة ببدعة ولا يقابل الغلو بالتفريط ولا العكس؛ إلا أن "المبتدعة عادة يقابلون البدعة بالبدعة. فعندما غلا بعضهم في علي - رضي الله عنه -، كفره آخرون، وعندما غلا بعضهم في الوعيد -الخوارج- غلا آخرون في الوعد حتى نفوا بعض الوعيد -يعني المرجئة- وعندما غلا المعتزلة في التنزيه حتى نفوا الصفات، غلا آخرون في الإثبات حتى وقعوا في التشبيه" (?).
يقول ابن قتيبة - رحمه الله -: " ولما رأى قوم من أهل الإثبات إفراط هؤلاء في القدر وكثر بينهم التنازع حملهم البغض لهم واللجاج على أن قابلوا غلوهم بغلو، وعارضوا إفراطهم بإفراط فقالوا بمذهب جهم في الجبر المحض وجعلوا العبد المأمور المنهي المكلف لا يستطيع من الخير والشر شيئاً على الحقيقة ولا يفعل شيئاً على الصحة ... وكلا الفريقين ضل، وعن سواء الحق حائد" (?).
قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: والمقصود هنا أن هؤلاء المتكلمين الذين جمعوا في كلامهم بين حق وباطل (?)، وقابلوا الباطل بباطل، وردوا البدعة ببدعة، لما ناظروا الفلاسفة وناظروهم، في مسألة حدوث العالم ونحوها، استطال عليهم الفلاسفة لما رأوهم قد سلكوا تلك الطريق، التي هي فاسدة عند أئمة الشرع والعقل، وقد اعترف حذاق النظار بفسادها ... (?).