o تحقيق القدوة العلمية والعملية:

من حكمة الله تعالى أن جعل رسله -عليهم السلام- من البشر لتتحقق بهم القدوة، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} الأحزاب: 21، فيكون التزامهم بما يدعون إليه، التزاماً يدل على إمكانية بلوغِ البشر درجاتٍ عاليةٍ في القرب من الله تعالى بالطاعة، لأن المرسلينَ إليهم هم من جنسهِم، قال الله تعالى آمراً رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يبينَ ذلك للناس: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6)} فصلت: 6، فيسهل بذلك تتبع ما جاءوا به، والتخلق بأخلاقهم، والتأسي بسيرهم، ومتابعتُهم على نهجهِم وسنتهِم، وسيرتهِم ودعوتهِم إلى الله، فهم قادة للبشر، ومن ثم تصبح قيادتهم قيادة سلوكية عملية، وليست مجرد قيادة إرشادية أو وعظية (?).

o الصبر وعدم اليأس:

إن من أعظم الآثار التي تعود على الإنسان من جراء إيمانه بالرسل: فضيلة الصبر (?)، فالمتأمل في أحوال الأنبياء مع أقوامهم يجد أنهم قد جاءوا لهدايتهم وإنقاذهم من التهلكة، وقد تحملوا في سبيل تلك المهمة فوق ما يتحمله البشر، وتسلحوا بالصبر وتخلقوا به.

فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر صبر موسى على إيذاء قومه بأكثر مما أوذي هو - صلى الله عليه وسلم -، فقال: (رحم الله موسى، قد أُوذي بأكثر من هذا فصبر) (?).

كما أن في الصبر تشبهاً بالأنبياء وتأدباً بأدبهم، قال تعالى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85)} الأنبياء: 85، وقال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} الأحقاف: 35.

فالصبر يهذب النفوس المؤمنة، كما أنه يطهرها من خلق اليأس والهلع والجزع عند نزول المصيبة ومن خلق الطغيان والبطر عند النقمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015