المخالفة للسياق، أو المخالفة لما ثبت في السنة المطهرة من تفسير هذه الآيات، أو التسرع في عرض الفرضيات والنظريات على أنها حقائق علمية.
فجاء قوله تعالى: {نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ}، للدلالة على أن كتاب الله أنزل لغاية عظيمة وهي العبادة، كما في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} الذاريات: 56، وأما إشارة القرآن لبعض هذه المسائل المرتبطة بالعلوم التجريبية لم يكن هو المقصد الأول؛ لأنها تجيء مرتبطة بالدلالة على حكم عقدي أو شرعي، فهي جاءت تبعًا وليس أصالةً، لذلك فهي لم تأت على سبيل التفصيل (?)؛ لأنه نتيجة البحث والتأمل، وهو من العلوم التي وكلها الله لعباده فنجد أن الغرب تقدم فيها نتيجة البحث والجهد.
المأخذ الذي انطلقت منه هاتان الطائفتان هو: الخلل الذي لديهم في توحيد الأسماء والصفات، فسلك المعطلة الجفاة طريق إنكار الكتب السماوية وأن الله لم ينزل شيئاً، بينما سلك المشبهة الغلاة إخراج كتب الله عن مقصدها المراد منها إلى أن تكون كتابا في العلوم التجريبية، فقاسوا كلام الرب - عز وجل - باختراعات البشر.
أتت هذه الآية الكريمة للدلالة على أن المذهب الحق ليس ما ذهب إليه أصحاب الإفراط والتفريط، بل هو ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة، فحققوا الإيمان بالكتب، وأقروا بأنها كلها منزل من عند الله - عز وجل - على رسله إلى عباده بالحق المبين والهدى المستبين, وأنها كلام الله - عز وجل - لا كلام غيره.
ولم يغلوا في الإثبات ففسروا نصوص الكتاب بما أثر عن السلف، ولهم موقف واضح من مسألة الإعجاز (?) العلمي (?).