الآية الثانية:
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} التحريم: 6، هذه الآية وإن كانت صريحة الدلالة على المطلوب، إلا أنها تردُ على بدعتين متقابلتين، وبيان ذلك فيما يلي:
في هذه الآية الكريمة ردٌ على الجفاة الذين زعموا أن الملائكة إناثٌ (?)، وقد أخبر الله تعالى أن الإناث جُبلنَ على الضعف، والرقة (?)؛ وفي هذه الآية أخبر سبحانه عن الملائكة أنهم موصوفون بالقوة، والشدة، وضخامة الخلق: {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ}، لتبين أن هناك فرقاً بين خلقة الإناث، وخلقة الملائكة، فكان في هذا التناسب بيانٌ لضعف قولهم والرد عليهم (?).
كما نصت هذه الآية على أَن الْمَلَائِكَة متعبدون، قال تعالى: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)}، فكانت رداً على من وصف الملائكة بصفات الألوهية أو الربوبية، فصرف لها شيئاً مما لا يجوز صرفه إلا لله - عز وجل -.
المأخذ الذي انطلقت منه هاتان الطائفتان هو: اعتمادهم على العقل دون الشرع، حيث وصفوا الملائكة حسب ما تمليه عليهم عقولهم، فمنهم من أفرط فوصفها -حسب ما صور له عقله- بأنها إناث، محاولة منه لإخضاع عوالم الغيب لمقاييسه البشرية الدنيوية، ولقد