المطلب الثاني: الانحراف المؤدي إلى الإفراط في الإيمان بالملائكة.

من جملة المخالفين لأهل السنة والجماعة في هذا الباب من أخبر الله - عز وجل - عنهم في كتابه بقوله: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (41)} سبأ: 40 - 41.

في هذه الآية دليل على أنه سيبلغ الغلو في الملائكة إلى درجة العبادة، فأخبر - عز وجل - عن الملائكة أنهم إذا سُئلوا عن عبادة من عبدهم تبرّؤوا إلى الله من ولايتهم، وعلى هذا يكون ذلك تنكيلا للكافرين حيث بين لهم أن معبودهم لا ينفع ولا يضر.

لذا فإن الانحراف المؤدي إلى الإفراط في الإيمان بالملائكة، يأتي من طريقتين، وهما:

- أولاً: انحرافهم في مفهوم التوحيد وتقريره:

والشرك الذي ذكره الله في كتابه إنما هو عبادة غيره من الملائكة وغيرهم (?)، والملائكة هم من أعظم وأكبر من عُبِدَ من دون الله، وسبب عبادتهم كان التوسل بهم إلى الله تعالى، وطلب القربة إليه (?)؛ لأجل صلاحهم (?)، ممن يزعم أنه محقق للتوحيد -وهو من أعظم الناس إشراكاً- (?)؛ لأنهم لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق أو تنْزل المطر أو تنبت النبات وإنما كانوا يدعونهم (?)

ويقولون: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} يونس: 18، اعتقاداً في الملك بأنه لأجل صلاحه وقربه يملك أن يشفع عند الله، ولأجل قربه لا يَرُدُّ الله تعالى طلبه كما هو الشأن في المخلوقين، قال تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38)} الزمر: 38.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015