- ثانياً: بيان وجه رد الآية على بدعة الإفراط.

الغُلاة وهم طرف الخوارج: الذين يرون أن قتال أئمة الجور ومن والاهم من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنهم فعلوا الظلم أو ما ظنوه ظلمًا، وهذا عندهم كفرٌ مُخرج من الملة، وقصدوا بذلك طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فغلطوا (?).

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الحكام، وولاة الأمور، من المسائل الهامة، والتي إذا أساء الناس فهمها، ترتب على ذلك فتن عظيمة، ومفاسد كبيرة في البلاد والعباد، من أجل هذا ردت هذه الآية على أصحاب الغلو، عند قوله تعالى: {الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ}؛ لأن من الحفظ لحدود الله ألا يزال المنكر بما هو أنكر منه، ولهذا حُرم الخروج على ولاة الأمور بالسيف، لأجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذنوب (?)؛ لأن ذلك يؤول إلى الفتن التي تؤدي إلى سفك دماء المسلمين وهذا أعظم من فعل المنكر الذي قصد إزالته (?)، والقرآن الكريم والسنة الصحيحة، هما المورد العذب لمعرفة الطريقة المثلى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

قال ابن مفلح الحنبلي - رحمه الله - (?): " ولا ينكر أحد على سلطانه إلا وعظاً له، وتخويفاً، أو تحذيراً من العاقبة في الدنيا والآخرة، فإنه يجب، ويحرم بغير ذلك" (?).

قال أبو قلابة - رحمه الله - (?):

" ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف" (?)، هذا هو أصل الخروج، ثم يأتي بعد ذلك إيجاد الأعذار، إما بأن استحلالهم هذا كان أمراً بالمعروف أو نهياً عن المنكر، أو غير ذلك {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)} الأنعام: 43.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015