يعتبر الإرجاء من أخطر الانحرافات العقدية المؤثرة في حياة المسلمين، فمسألة الإيمان أهم مسألةٍ عقدية؛ لأنها أصل الدين وأساسه، وهي المعيار في معرفة المؤمن من الكافر، والموحّد من المشرك، فالانحراف فيها لا بد أن يكون له آثار عظيمة في المجتمع الإسلامي (?).
لذلك ذم السلف الصالح الإرجاء ذماً شديداً، ومن ذلك قول الزهري (?): " ما ابتُدعت في الإسلام بدعة أضر على أهله من الإرجاء" (?)، وقال شريك القاضي (?)
فيهم: " هم أخبث قوم"، وقال قتادة (?): "ليس من الأهواء شيء أخوف على الأمة من الإرجاء" (?).
وقد صدقوا في ذلك فإن آثار الإرجاء فاقت آثار سائر البدع الاعتقادية والعملية الأخرى، كما أن عقيدة المرجئة لم تكن على الإطلاق ثمرة نظر في النصوص الشرعية ولا وليدة اجتهاد عقلي سوي، وإنما هي وليدة مواقف انفعالية جدلية أفرزتها المعارك الكلامية الطاحنة بين الفرق البدعية (?)، لذا فالمرجئة من الفرق الضالة التي فرطت في حق الله - عز وجل -، وذلك بعدم طاعته وعدم القيام بأحكامه وشريعته سبحانه وتعالى، وذلك عن طريق إخراج العمل عن مسمى الإيمان.
إذ لا يكفي المسلم مجرد إعلانه باللسان أنه مؤمن، فما أكثر المنافقين الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)