والمعنى المختار للإيمان أن لفظة (آمن) لغة بمعنى (أقرَّ):
فيكون الإيمان لغة: هو الإقرار القلبي، وهذا الإقرار مشتمل على أمرين:
1 - اعتقاد القلب، وهو تصديقه بالأخبار.
2 - عمل القلب، وهو إذعانه وانقياده للأوامر (?). هذا من جهة اللغة.
فهو: تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وهذا ما عليه أئمة السلف (?)، وإن تعددت بعض عباراتهم؛ لكنها كلها تؤدي إلى معنى واحد.
وقد حصر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عبارات السلف المستعملة في أربع: قول وعمل، وقول وعمل ونية، وقول وعمل واتباع السنة، وقول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، فقال: " ومن هذا الباب أقوال السلف وأئمة السنة في تفسير الإيمان، فتارة يقولون: هو قول وعمل، وتارة يقولون: هو قول وعمل ونية، وتارة يقولون: قول وعمل ونية واتباع السنة، وتارة يقولون: قول باللسان واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، وكل هذا صحيح، فإذا قالوا: قول وعمل، فإنه يدخل في القول قول القلب (?) واللسان جميعاً، وهذا هو المفهوم من لفظ القول والكلام، ونحو ذلك إذا أطلق" (?).
وخلاصة ما سبق من حقيقة الإيمان الشرعي أنها: "مركبة من قول وعمل، والقول قسمان: قول القلب، وهو الاعتقاد، وقول اللسان، وهو التكلم بكلمة الإسلام.
والعمل قسمان: عمل القلب: وهو نيته وإخلاصه، وعمل الجوارح. فإذا زالت هذه الأربعة، زال الإيمان بكماله، وإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الأجزاء، فإن تصديق القلب شرط في اعتقادها وكونها نافعة، وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق فهذا موضع الخلاف بين المرجئة