لما كانت النفوس مجبولة على محبة الله - عز وجل - وتعظيمه وعبادته، كانت مفطورة (?) كذلك على أنه أكمل وأجل وأعظم من غيره (?)، بالإضافة إلى ثبوت معنى الكمال له - عز وجل - في نصوص الشرع، وصريح العقل.
وهكذا مضى عصر الصحابة بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال (?)، بل كلهم على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة، كلمة واحدة من أولهم إلى آخرهم (?).
ثم اختلف الناس في هذا الباب بعد ائتلاف، وبسقت قرون البدع، ونبتت نوابت فرقة واختلاف، فكانوا طوائف ثلاث:
الأولى: أهل الجفاء، القائلون: بنفي أسماء الله وصفاته وتعطيلها، وبعضهم أثبت الأسماء ونفى الصفات، وأمثلهم أثبت الأسماء وبعض الصفات، ونفى أو أوّل البعض الآخر، وهم طوائف متفاوتة، نفوا جُلّ أو كلّ ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم -، من الصفات بدعوى عدم صحة النصوص، أو بتعطيل المعنى.
الثانية: أهل الغلو، الذين مالوا إلى ضروب من التمثيل والتشبيه، وهم طوائف ما بين مشبه للمخلوق بالخالق، ومشبِّه للخالق بالمخلوق؛ لأن عقولهم ضلت في فهم نصوص