وهذه الآية هي حقيقة الصلة بين الله - عز وجل - وبين الثقلين من خلقه، فهي تأتي بعد مرتبتي الفطرة والميثاق، فبعد أن فطر الله الخلق أول الأمر على الإسلام (?)، ثم أخذ عليهم الميثاق على مقتضى الفطرة التي فطرهم عليها (?)، ها هو - عز وجل - يعلن الصلة بينه وبين خلقه وأنها هي الغاية من وجودهم، وهذا هو موضوع جميع رسالات الأنبياء والرسل -عليهم السلام- (?).

وفي هذه الآية سر الأمر كله وعلته وحجته، وعليها مدار الأمر كله، قال ابن تيمية - رحمه الله - بعد أن استعرض ما أورده الله في مجمل سورة الذاريات: " فهذا كله يتضمن أمر الإنس والجن بعبادته وطاعته وطاعة رسله واستحقاق من يفعل العقوبة في الدنيا والآخرة، فإذا قال بعد ذلك: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)} الذاريات: 56 - 57، كان هذا مناسباً لما تقدم مؤتلفاً معه: أي هؤلاء الذين أمرتهم إنما خلقتهم لعبادتي ما أريد منهم غير ذلك، لا رزقاً ولا طعاماً" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015