وهذه القيمة لها أثرها في حياة الإنسان وسلوكه، وتحمله المسئولية، وتحقيق العدالة والمساواة بين الخلق، وهي أصل ومبدأ من مبادئ الإسلام الراسخة، تقصر دونه كل المبادئ والقيم الأخرى، وقد رتب على هذا: "أن الجزاء مرتب على العمل"، فلا أحد يظلم بحمل وزر غيره؛ إلا من سلك سبيل المضلين فإنهم يحملون أثقالهم وأثقال إضلال الناس {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)} العنكبوت: 13، وذلك كله من أوزارهم.

إن حل مشكلات البدع المتقابلة تبدأ من النفس، ومسيرة ألف ميل في إصلاح الأمة تبدأ بخطوة إصلاح النفس أولاً.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن مسئولية الفرد تتشعب إلى شعبتين: مسئولية تجاه نفسه وأخرى تجاه مجتمعه. ويمكن القول بأن مسئولية الفرد نحو نفسه قد تتسع بحيث تصبح مسئولية نحو مجتمعه، كما أن مسئوليته نحو المجتمع قد تضيق بحيث تكون أيضا مسئولية نحو شخصه بالذات (?)؛ فالبنيان لبنات متفرقة، فعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا)) (?).

- مظاهر الوسطية في الجانب الاجتماعي والإنساني:

ليست الوسطية شعاراً يرفعه مدعوه بل هي ممارسة عملية في واقع الحياة (?)، متحررة من النفعية الضيقة فهي لا تخدم إلا المصلحة العامة، فلا هدف لها سوى تحقيق النظام العام الإسلامي (?).

من أجل ذلك نظم الإسلام العلاقة بين أطراف المجتمع حاكماً ومحكوماً؛ فحرم على المحكوم أن يخرج على حاكمه، وحرم على الحاكم غش رعيته، فجعل عقاب الحاكم إليه (?)، وعقابه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015