المطلب الثاني: مظاهر (?) الوسطية:

إن الوسطية ليست عقيدة فحسب، بل منهج حياة؛ فالحديث عن مظاهرها في الإسلام حديث متشعب، ذو فروع؛ لأنها كثيرة متغلغلة في جميع عقائده، وفرائضه، وشرائعه، والمقام لا يتسع للإتيان عليها كلها في هذا المطلب، ولكن لنا أن نبرز أهم مظاهرها في الجوانب التالية (?):

- مظاهر الوسطية في الجانب الفردي (المسئولية الفردية):

لقد اهتمَّ القرآن الكريم بإرشاد الإنسان إلى ما يحقق له العيش الرغيد في الحياة الدنيا، والفوز برضا ربه في الآخرة، وذلك من خلال القيام بدَوْره كخليفة في الأرض، فمصلحة الإنسان وسعادته وكرامته مرتبطة بمسئولية السعي في إقامة عدل الله، والتحلي بقيم الوَحْي في الكون؛ ولقد فقه الرَّعيل الأول نداءات القرآن، وحَمَلها وعَمِل بها، فشيَّد بها حضارة يشهد الناس بسموها (?).

لذا نجد أن الوسطية إذا تغلغلت جذورها في الإنسان وتمكنت قواعدها من الرسوخ في ذاته، أضفت عليه قوة كبيرة تنطبع في اتجاهه العقدي والتشريعي والفكري والسلوكي (?).

وقد يُستغرب إقحام المسئولية في مظاهر الوسطية، لكن هذا لا يلبث وأن ينجلي عندما نعلم أن بعض الطوائف تنادي بتقسيم الخلق إلى أصحاب الحقيقة (?)

وأصحاب الشريعة، ومن إسقاط الواجبات الشرعية عن البعض، ومن تحمل البعض آخر المسئولية عن آخرين، وسلب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015