وإذا كان أهل الباطل يصبرون على باطلهم والدعوة إليه، بل الموت في سبيله، فأهل الوسطية الحقة ودعاتها أجدر وأحق بهذا الأمر، قال تعالى: {وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)} النساء: 104.
الصراع بين الحق والباطل (?) قديم قدم وجود البشر على وجه الأرض، ولن ينطفئ لهيبه ولن تخمد جذوته، فهو سنة من سنن الله في الكون (?)، فهو صراع دائم حتى يرث الله الأرض ومن عليها؛ ولذا فنحن نشاهد النزاع يثور بين الحق والباطل، ويشتد بين الإيمان والكفر، ولكل اتجاه أعوانه وأنصاره، وسادته وكبراؤه؛ قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31)} الفرقان: 31.
وبقاء الباطل ليس علامة ولا دليلاً على صحته؛ وإنما هذا الإنظار رمز إلهي على أن ناموس الشر لا ينقضي من عالم الحياة الدنيا وأن نظامها قائم على التصارع بين الأخيار والأشرار (?).
فنزلت آيات الوسطية لتقرر لنا هذه الحقيقة (?) وسَمَّت المتصارعين بألقابهم، ونطقت