أراد من عباده أن يتصفوا بهذا الوصف ويكون لهم منهجاً ومسلكاً، فأتت الآيات بشكل لا يحصى كثرة شاهدة لأهل الحق دالة على منهجهم.

لذا نجد أن القرآن الكريم اعتمد في أسلوبه على إبراز منهج أهل الحق والأمر به، إما من خلال آيات العقيدة أو آيات الأحكام والمعاملات؛ واعتمد في خطابه أسلوب المقابلات (?)؛

وهذا الأسلوب فيه الدلالة الواضحة على رسم الصراط المستقيم وتحديد معالمه (?).

وكما أن آيات الوسطية تدل على وسطية أهل الحق بين أطراف الباطل، فهي تدل كذلك على إبراز منهج الحق وتجليته والأمر بلزومه والاستقامة عليه.

لذا نجد أن الاستقامة من أبرز مزايا وخصائص الوسطية في الإسلام، والاستقامة التي أمر الله بها في قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا} هود: 112، وفي قوله: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} الشورى: 15، أكبر شاهد على ذلك.

وقد عرفها القرطبي - رحمه الله - (?) بقوله: "الاستقامة: الاستمرار في جهة واحدة من غير أخذ في جهة اليمين أو الشمال" (?).

ونقل ابن القيم - رحمه الله - تعريف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حيث قال: " قال عمر - رضي الله عنه -: ((الاستقامة أن يستقيم على الأمر والنهي، لا يروغ روغان الثعالب)) " (?)، ثم عرفها ابن القيم بقوله: "فالاستقامة كلمة جامعة، أخذت بجماع الدين، وهي القيام بين يدي الله على حقيقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015