547 - وَحَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمَّارًا، يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: التَّيَمُّمُ هَكَذَا وَضَرَبَ ضَرْبَةً لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَمِمَّا احْتَجَّتْ بِهِ هَذِهِ الْفِرْقَةُ أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ فِي التَّيَمُّمِ أَنْ يَمْسَحَ بِوَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَثَبَتَ فَرْضُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ بِالْكِتَابِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَلَا يَجِبُ الْفَرْضُ بِاخْتِلَافٍ وَلَا حُجَّةَ مَعَ قَائِلِهِ وَفِي تَعْلِيمِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَصْحَابَهُ صِفَةَ التَّيَمُّمِ دَلِيلٌ عَلَى مَعْنَى مَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43] لِأَنَّهُ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللهِ مَعْنَى مَا -[53]- أَرَادَ، قَالَ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وَقَدْ بَيَّنَ لَمَّا قَالَ لِعَمَّارٍ: إِنَّمَا يَكْفِيكَ هَذَا، أَنَّ الَّذِي فَرَضَ اللهُ مَسَحَ الْوَجْهَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ، وَقَدِ احْتَجَّ مَكْحُولٌ بِحُجَّةٍ أُخْرَى قَالَ: لَمَّا قَالَ تَعَالَى فِي الْوُضُوءِ {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: 6] وَقَالَ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43] وَلَمْ يَسْتَثْنِ إِلَى الْمَرَافِقِ ثُمَّ قَالَ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] قَالَ مَكْحُولٌ: فَإِنَّمَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ الْكَفُ مِنَ الْمِفْصَلِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا مَعَانِيَ الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ تَيَمُّمِهِمْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَعْلِيمِهِ إِيَّاهُمْ، فَأَمَّا الْأَخْبَارُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا مَنْ رَأَى أَنَّ التَّيَمُّمَ ضَرْبَتَيْنِ ضَرْبَةً لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةً لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ فَمَعْلُولَةٌ كُلُّهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَمِنْهَا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُهُ، وَقَدْ دَفَعَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَدِيثَهُ، قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الضَّرْبَتَيْنِ، يُضَعَّفُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْبَصْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي التَّيَمُّمِ خَالَفَهُ أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللهِ وَابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ -[54]- ابْنِ عُمَرَ فَعَلَهُ. فَسَقَطَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةً لِضَعْفِ مُحَمَّدٍ فِي نَفْسِهِ وَمُخَالَفَةِ الثِّقَاتِ لَهُ حَيْثُ جَعَلُوهُ مِنْ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَمَّا حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى فَقَدْ دَفَعَهُ جَمَاعَةٌ، نَهَى عَنْهُ مَالِكٌ وَشَهِدَ عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَابْنُ مَرْيَمَ بِالْكَذِبِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: كُنَّا نَتَّهِمُهُ بِالْكَذِبِ، وَتَرَكَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ أَحْمَدُ، قَالَ: كَانَ يَأْخُذُ حَدِيثَ النَّاسِ فَيَجْعَلُهُ فِي كُتُبِهِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: إِبْرَاهِيمُ لَيْسَ بِثِقَةٍ كَذَّابٌ رَافِضٌ. وَقَدْ كَثُرَ كَلَامُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَقَدْ ذَكَرْتُ أَخْبَارَهُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ مَعَ بَاقِي مَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْكَلَامِ، وَأَمَّا حَدِيثُ الرَّبِيعِ بْنِ بَدْرٍ فَهُوَ إِسْنَادٌ مَجْهُولٌ لِأَنَّ الرَّبِيعَ لَا يُعْرَفُ بِرِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَلَا أَبُوهُ وَلَا جَدُّهُ، وَالْأَسْلَعُ غَيْرُ مَعْرُوفٌ، فَالِاحْتِجَاجُ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَسْقُطُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ