433 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: «لَا بَأْسَ أَنْ تَبْدَأَ بِرِجْلَيْكَ» فَذَكَرَهُ. وَمِمَّنْ رَأَى تَقْدِيمَ الْأَعْضَاءِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ جَائِزًا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَقَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَمَكْحُولٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ فِيمَنْ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ فَوَجَدَ فِي لِحْيَتِهِ بَلَلًا، قَالُوا: يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَيَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ، وَلَمْ يَأْمُرُوهُ بِإِعَادَةِ غَسْلِ -[423]- الرِّجْلَيْنِ، وَفِي قَوْلِ الثَّوْرِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، إِذَا نَسِيَ الْمَسْحَ مَسَحَ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ، وَلَمْ يُعِدِ الْوُضُوءَ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِيمَنْ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ قَبْلَ وَجْهِهِ، ثُمَّ صَلَّى: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَنْ قَدَّمَ عُضْوًا عَلَى عُضْوٍ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ حَتَّى يَغْسِلَهُ فِي مَوْضِعِهِ، هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} [البقرة: 158] وَبِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ الصَّفَا، قَالَ: «نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا أَنَّهُ إِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ قَبْلَ الصَّفَا أَلْغَى طَوَافًا حَتَّى يَكُونَ بَدْؤُهُ بِالصَّفَا، قَالَ: وَكَمَا قُلْنَا فِي الْجِمَارِ إِنْ بَدَأَ بِالْآخِرَةِ قَبْلَ الْأُولَى أَعَادَ فَكَانَ الْوُضُوءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَأَوْكَدَ مِنْ بَعْضِهِ عِنْدِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ عَارَضَ الشَّافِعِيُّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا، فَقَالَ: أَمَّا الصَّفَا وَالْمَرْوَةُ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ فَلْيَشْتَغِلْ مَنْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا قِيَاسًا عَلَى الْآخَرِ بِإِثْبَاتِ -[424]- فَرْضِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ مَنَعَهُ قَوْلُهُ لَا يُقَاسُ أَصْلٌ عَلَى أَصْلٍ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدَهُمَا قِيَاسًا عَلَى الْآخَرِ، فَإِمَّا أَنْ يَجْعَلَ مَا لَمْ يَثْبُتْ فَرْضُهُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وُجُوبِهِ، أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْمَسَائِلُ، فَغَيْرُ جَائِزكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَجَمَاعَةٌ لَا يَرَوْنَهُ فَرْضًا، قَالُوا: بَلْ هُوَ تَطَوُّعٌ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَ النَّاسِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ جَمْرَةٍ عَلَى جَمْرَةٍ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ فَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَدَأَ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَرَمَى قَبْلَ الْجَمْرَتَيْنِ، ثُمَّ رَمَى الْجَمْرَتَيْنِ بَعْدَهَا أَجْزَأَهُ، وَقَالَ الْحَسَنُ فِي رَجُلٍ رَمَى جَمْرَةً قَبْلَ الْأُخْرَى لَا يُعِيدُ رَمْيَهَا، وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ بِأَصْلٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ، فَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا كَانَ مِنْ نَوْعِهِ، وَيُمْنَعُ قَوْلُهُ لَا يُقَاسُ أَصْلٌ عَلَى أَصْلٍ أَنْ يَجْعَلَ مَسَائِلَ الْوُضُوءِ قِيَاسًا عَلَى مَسَائِلِ الْمَنَاسِكِ، فَكَيْفَ وَهُوَ مُخْتَلِفٌ فِيهِ، قَالَ: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ مَنْ قَدَّمَ غَسْلَ يَدَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ وَرِجْلَيْهِ، فَقَالَ قَائِلٌ: إِنَّ فُلَانًا غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ أَنَّهُ صَادِقٌ، قَالَ: وَلَوْ أَنَّ إِمَامًا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَدْعُوَ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا، فَبَدَأَ بِعَمْرٍو فَدَعَاهُ، ثُمَّ دَعَا زَيْدًا أَنَّهُ غَيْرُ عَاصٍ، وَقَدْ بَدَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَسْلِ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ بَدَأَ بِالْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَغَيْرُ جَائِزٍ إِذْ سَهَا الْمَرْءُ فَقَدَّمَ عُضْوًا عَلَى عُضْوٍ سَاهِيًا أَنْ يَبْطُلَ عَمَلُهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَقَدْ رُفِعَ السَّهْوُ وَالنِّسْيَانُ عَنْ بَنِي آدَمَ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِهِمْ مِنْ ذَلِكَ تَرْكُ إِبْطَالِ صَوْمِ مَنْ أَكَلَ فِيهِ نَاسِيًا وَصَلَاةِ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهَا، وَهُوَ سَاهٍ، فَكَانَ أَحَقُّ النَّاسِ أَنْ لَا يُرَى عَلَى مَنْ قَدَّمَ عُضْوًا عَلَى عُضْوٍ شَيْئًا مَنْ كَانَ هَذَا مَذْهَبَهُ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015