قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: إِنْ كَانَ مُسْلِمًا عَاقَبَهُ الْإِمَامُ عُقُوبَةً مُنَكِّلَةً، وَغَرَّبَهُ إِلَى بَعْضِ الْآفَاقِ فِي وَثَاقٍ، وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا قُتِلَ، فَإِنَّهُ قَدْ نَقَضَ عَهْدَهُ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُ حَرْبٍ بَعَثُوا إِلَيْهِمْ بِأَمْوَالٍ عَلَى مُنَاصَحَتِهِمْ، قَبَضَ تِلْكَ الْأَمْوَالِ، فَوَضَعَ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُوجَعُ عُقُوبَةً، وَيُطَالُ حَبْسُهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَاجِشُونُ: أَمَّا مَنْ جَهِلَ الْجَهَالَةَ وَقَدْ عُرِفَ بِسُوءِ الْوَعْدِ وَفَسَادِ الطَّرِيقَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لِغَفْلَتِهِ مِنْهُ تَأَبُّدٌ، وَلَا إِوَاءٌ يُخْشَى عَوْرَةٌ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ الْمَرَّةَ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الضَّغْنِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، فُطِنَ بِهِ الْجَهْلُ، أَدَّبَهُ الْأَدَبَ الْغَلِيظَ، وَجَعَلَهُ نَكَالًا لِمَنْ سِوَاهُ، وَإِذَا وَجَدْتَ مَنْ قَدْ أَعَادَ ذَلِكَ، وَعُرِفَ مِنْهُ، وَتَوَاطَأَ بِهِ عَلَيْهِ اللِّسَانُ وَالذِّكْرُ، فَهُوَ الْجَاسُوسُ الْمُخْتَانُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ. وَسُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ: لَا يَحِلُّ دَمُ مَنْ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حُرْمَةُ الْإِسْلَامِ، إِلَّا أَنْ يَقْتُلَ، أَوْ يَزْنِيَ بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ يَكْفُرَ كُفْرًا بَيِّنًا بَعْدَ الْإِيمَانِ، ثُمَّ يَثْبُتُ عَلَى الْكُفْرِ، وَلَيْسَ الدَّلَالَةُ عَلَى عَوْرَةِ مُسْلِمٍ بِكُفْرٍ بَيِّنٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْحُجَّةُ فِيهِ السُّنَّةُ الْمَنْصُوصَةُ بَعْدَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْكِتَابِ "