6672 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: " أَصَابَ أَمِيرُ الْجَيْشِ، وَهُوَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ شَرَابًا فَسَكِرَ، فَقَالَ النَّاسُ لِأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَوِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: أَقِيمَا عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَقَالَا: لَا نَفْعَلُ، نَحْنُ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَنَكْرَهُ أَنْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ، فَتَكُونَ جُرْأَةٌ مِنْهُمْ عَلَيْنَا وَضَعْفٌ بِنَا وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ إِقَامَةِ الْحُدُودِ بِأَرْضِ الرُّومِ، قَالَ: تُؤَخَّرُ إِقَامَتُهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، وَقَالَ فِي الْأَسِيرِ يُصِيبُ حَدًّا، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الْإِسْلَامِ: يُقَامُ عَلَيْهِ إِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ عَدْلٍ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَنْ غَزَا عَلَى جَيْشٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِيرَ مِصْرَ، وَلَا شَامٍ، وَلَا عِرَاقَ، وَأَقَامَ الْحُدُودَ فِي الْقَذْفِ، وَالْخَمْرِ، وَيَكُفُّ عَنِ الْقَطْعِ مَخَافَةَ أَنْ يَلْحَقَ بِالْعَدُوِّ، فَإِذَا فَصَلَ مِنَ الْحَرْبِ قَافِلًا قُطِعَ، -[279]- وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الْمُسْلِمَ يَسْبِيهِ الْعَدُوُّ، فَيَقْتُلُ هُنَاكَ مُسْلِمًا، أَوْ يَزْنِي، قَالَ: مَا أَعْلَمُ إِلَّا يُقَامُ عَلَيْهِ إِذَا خَرَجَ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْجَيْشِ، قَالَ: لَا، حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ بِلَادِهِمْ. قَالَ إِسْحَاقُ: إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يَرَى إِقَامَةَ ذَلِكَ أَحْسَنَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُقَامُ الْحُدُودُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ كَمَا تُقَامُ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَمَرَ بِقَطْعِ السَّارِقِ، وَحَدِّ الزَّانِي، وَالْقَاذِفِ، وَأَوْجَبَ الْقِصَاصَ فِي كِتَابِهِ، فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، كَمَا يُقِيمُهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ سَوَاءً، وَغَيْرُ جَائِزٍ الْمَنْعُ مِنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِإِقَامَتِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَلَا نَعْلَمُ حُجَّةً خَصَّتْ بِذَلِكَ أَرْضًا دُونَ أَرْضٍ، وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ مُرَادٌ، لَيْسَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، أَوْ عَلَى رَسُولِهِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. قَالَ مَالِكٌ فِي الْجَيْشِ إِذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَسَرَقَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ، أَوْ شَرِبُوا الْخُمُورَ، أَوْ زَنَوْا: يُقِيمُ عَلَيْهِمُ الْحُدُودَ أَمِيرُ الْجَيْشِ كَمَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ أَقْوَى عَلَى الْحَقِّ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا فَرَّطَ فِيهِ الْوَالِي وَأَخَّرَهُ حَتَّى يَقْدَمُوا أَرْضَ الْإِسْلَامِ، أَرَى أَنْ يُقَامَ ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ مُسْتَأْمَنِينَ، أَوْ أَسْرَى فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، أَوْ زَنَوْا بِغَيْرِ حَرْبِيَّةٍ، فَالْحُكْمُ عَلَيْهِمْ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا أُسْقِطَ عَنْهُمْ لَوْ زَنَى أَحَدُهُمْ بِحَرْبِيَّةٍ إِذَا ادَّعَى الشُّبْهَةَ، وَلَا يُسْقِطُ دَارُ الْحَرْبِ عَنْهُمْ فَرْضًا، كَمَا لَا يُسْقِطُ صَوْمًا، وَلَا صَلَاةً، وَلَا زَكَاةً، وَإِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ حَدًّا هُوَ مُحَاصِرٌ لِلْعَدُوِّ، أُقِيمَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَلْحَقَ مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ -[280]- بِدَارِ الْحَرْبِ، وَقَدْ أَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدَّ بِالْمَدِينَةِ وَالشِّرْكُ قَرِيبٌ مِنْهَا، وَفِيهَا شِرْكٌ كَثِيرٌ مُوَادَعُونَ، وَضَرَبَ الشَّارِبَ بِحُنَيْنٍ وَالشِّرْكُ قَرِيبٌ مِنْهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا، وَلَا سَمِعْتُ أَنَّهُ يَرُدُّ حَدًّا أَنْ يُقِيمَهُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا إِذَا وَجَبَ عَلَى صَاحِبِهِ. وَقَالَ فِي الْأُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ: يَجْعَلُونَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْهُمْ يُقِيمُ الْحُدُودَ فِيهِمْ إِذَا خُلِّي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: الدَّارُ لَا تُحِلُّ شَيْئًا وَلَا تُحَرِّمُهُ، وَالزِّنَا، وَالسَّرِقَةُ، وَالْخَمْرُ، وَجَمِيعُ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَدَارِ الْحَرْبِ، وَيُحْكَمُ عَلَى مَنْ أَتَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حُكْمَ اللهِ فِي كُلِّ دَارٍ وَمَكَانٍ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ، لَا يَبْطُلُ حُكْمُ اللهِ إِلَّا بِكِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إِجْمَاعٍ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ يَكُونُ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَزَنَى هُنَاكَ وَخَرَجَ، فَأَقَرَّ بِهِ: لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّهُ زَنَى حَيْثُ لَا تَجْرِي أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ، وَلَوْ دَخَلَتْ سَرِيَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَزَنَى رَجُلٌ مِنْهُمْ هُنَاكَ، لَمْ أَحُدَّهُ، وَإِذَا كَانَ فِي عَسْكَرٍ فَهُوَ كَذَلِكَ، لَا يُقِيمُ الْحُدُودَ وَلَا الْقِصَاصَ إِلَّا أَمِيرُ مِصْرَ، يُقِيمُ عَلَى أَهْلِهِ الْحُدُودَ، فَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُقِيمُ حَدًّا وَلَا قِصَاصًا. وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الرَّجُلِ الْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَيَدْخُلُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ فَيَقْتُلُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنَّ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ الْكَفَّارَةَ، فَإِنْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ إِلَيْنَا، ثُمَّ قَتَلَهُ هَاهُنَا فَإِنْ كَانَ قَتَلَهُ خَطَأً، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَيَأْخُذُهَا الْإِمَامُ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا، فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ إِنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ. -[281]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، إِذَا عَلِمَهُ مُسْلِمًا فَقَتَلَهُ عَمْدًا، وَكَانَ لَهُ أَوْلِيَاءُ يَسْتَحِقُّونَ دَمَهُ، فَلَهُمُ الْقِصَاصُ، وَهُمْ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءُوا الْقِصَاصَ، وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ، وَإِنْ قَتَلَهُ خَطَأً فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الرَّجُلَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ يَدْخُلَانِ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ، فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، قَالَ: عَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ مِنْ مَالِهِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: عَلَى الْقَاتِلِ الْقَوَدُ إِنْ شَاءَ الْأَوْلِيَاءُ، إِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ. وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي أَسِيرَيْنِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ كَفَّارَةٌ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ كَفَّارَةٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ الدِّيَةُ أَيْضًا. فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ فِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015