ذِكْرُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَمَانِ وَاخْتَلَفُوا فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى أَمَانِ الْحَرْبِيِّ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: إِنِّي قَدْ أَمَّنْتُهُمْ، جَازَ أَمَانَةً عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيَعْقِدُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ» وَلَمْ يَقُلْ إِنْ جَاءُوا عَلَى ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ، وَإِلَّا فَلَا أَمَانَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ، هَكَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ. وَقَالَ النُّعْمَانُ: إِذَا قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوِ اثْنَانِ: قَدْ كُنَّا أَمَّنَّاهُمْ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذُوا وَذَلِكَ بَعْدَمَا صَارُوا فِي الْقِسْمَةِ، لَمْ يُصَدَّقُوا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ أَخْبَرُوا عَنْ فِعْلِ أَنْفُسِهِمْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا قَالَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، أَوِ امْرَأَةٌ: قَدْ أَمَّنْتُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِيرُوا فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، فَهُمْ آمِنُونَ، وَإِنْ صَارُوا فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ: قَدْ أَمَّنْتُهُمْ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الرَّجُلِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَلَكِنْ إِنْ قَامَ شَاهِدَانِ فَشَهِدَا أَنَّ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَمَّنَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِيرُوا أَسْرَى فَهُمْ آمِنُونَ أَحْرَارٌ، وَإِذَا أَبْطَلْنَا شَهَادَةَ الَّذِي أَمَّنَهُ، فَحَقُّهُ مِنْهُمْ بَاطِلٌ، لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَمْلِكَهُ، وَقَدْ زَعَمَ أَنْ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهِ