وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا قَالَ: جِئْتُ رَسُولًا، أَوْ نُرِيدُ إِلَى إِمَامِكُمْ إِنْ وُجِدَ ظَاهِرًا، وَكَانَ مَعَهُ كِتَابٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَهُوَ آمِنٌ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ كِتَابٌ، وَقَالَ: جِئْتُ رَسُولًا، قَالَ: إِنْ وُجِدَ ظَاهِرًا أُمِّنَ أَوْ رُدَّ إِلَى مَأْمَنِهِ، وَإِنْ قَتَلَهُ رَجُلٌ وَقَدْ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَعَلَى الْقَاتِلِ دِيَتُهُ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا وُجِدَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ بِغَيْرِ سِلَاحٍ، وَقَالَ: جِئْتُ رَسُولًا مُبَلِّغًا، قَبْلَ مِنْهُ وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ، فَإِنِ ارْتَبْتَ بِهِ حُلِّفَ، فَإِذَا حَلَفَ تُرِكَ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَ مَعَهُ سِلَاحٌ، وَكَانَ مُنْفَرِدًا لَيْسَ فِي جَمَاعَةٍ يَمْتَنِعُ مِثْلُهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. قَالَ: وَإِذَا أَتَى الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ بِغَيْرِ عَقْدٍ، عَقَدَ لَهُ الْمُسْلِمُونَ، فَأَرَادَ الْمُقَامَ مَعَهُمْ، فَهَذِهِ الدَّارُ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ، أَوْ مُعْطِي الْجِزْيَةِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قِيلَ لَهُ: أَدِّ الْجِزْيَةَ، وَإِلَّا فَارْجِعْ إِلَى مَأْمَنِكَ، فَإِنِ اسْتُنْظِرَ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَلَّا يُنْظَرَ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ اللهَ جَعَلَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يَسِيحُوا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَأَكْثَرُ مَا يُجْعَلُ لَهُ أَنْ لَا يَبْلُغَ بِهِ الْحَوْلُ؛ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ فِي حَوْلٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، وَلَا يُنْظَرُ، إِلَّا دُونَ الْحَوْلِ، وَإِذَا دَخَلَ الْقَوْمُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِتِجَارَةٍ ظَاهِرِينَ فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ حَالَ هَؤُلَاءِ حَالُ مَنْ لَمْ يَزَلْ يُؤَمَّنُ مِنَ التُّجَّارِ، وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَ الْإِسْلَامِ مُشْرِكًا، ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى مَالِهِ، وَلَوْ قَاتَلَ فَأُسِرَ، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ الْإِسَارِ فَهُوَ فَيْءٌ وَمَالُهُ، وَلَا سَبِيلَ عَلَى دَمِهِ لِلْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَسْلَمَ بِبَلَدِ الْحَرْبِ، أَحْرَزَ لَهُ إِسْلَامُهُ