قَالُوا: سَلمَة بْنُ الْأَكْوَع، قَالَ: «بِهِ سِلَبُهُ أَجْمَعُ» .
قَالَ أَبُو بكر: فَهَذَا مقتول هارب غير مقبل وَقد حكم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسَلمَة
بالسلب، وَفِيه دَلِيل على إغفال من قَالَ: لَا يكون السَّلب إِلَّا لمن قتل
مُشْركًا مُقبلا، إِذْ سَلمَة قَاتل قتيلٍ مُدبرا، وَيدل على إغفال من
قَالَ: أَن الَّذِي لَا يشك فِي أَن لَهُ سلب الْمُشرك وَالْحَرب قَائِمَة، لِأَن
سَلمَة قد حكم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بالسلب وَصَاحبه مُدبر غير مقبل وَقَتله
وَالْحَرب لسيت بقائمة، لِأَن الْمَقْتُول إِنَّمَا قتل مُنْفَردا فِي غير حَال الْحَرْب،
ليعلم أَن من سنة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن من قتل قَتِيلا من الْعَدو على أَي جِهَة قَتله
بعد أَن لَا يكون للمقتول أَمَان أَن لَهُ سلبه، وَهَذَا قَول طَائِفَة من
أَصْحَاب الحَدِيث، وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر، وَاحْتج بِظَاهِر قَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من
قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه» ، وبخبر سَلمَة هَذَا.
وَقَالَت طَائِفَة: إِنَّمَا يكون السَّلب لمن قتل وَالْحَرب قَائِمَة والمشرك مقبل هَذَا قَول
الشَّافِعِي، قَالَ الشَّافِعِي: " وَالَّذِي لَا شك فِيهِ أَن لَهُ سلب من قتل الَّذِي
يقتل الْمُشرك وَالْحَرب قَائِمَة وَالْمُشْرِكُونَ يُقَاتلُون، ولقتلهم هَكَذَا مُؤنَة
لَيست لَهُم إِذا انْهَزمُوا أَو انهزم الْمَقْتُول، وَلَا أرى أَن يعْطى السَّلب إِلَّا
من قتل مُشْركًا مُقبلا.
وَقَالَ أَحْمد فِي السَّلب للْقَاتِل: إِنَّمَا ذَلِك فِي المبارزة لَا يكون فِي الْهَزِيمَة.
قَالَ أَبُو بكر: السَّلب للْقَاتِل أذن الإِمَام فِي ذَلِك أَو لم يَأْذَن فِيهِ على
ظَاهر قَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قتل كَافِرًا فَلهُ سلبه، وَذَلِكَ عَام لكل قَاتل