لِأَنَّهُ أشرف الْكسْب وَإِنَّمَا ينْسب إِلَيْهِ كل شَيْء ليشرف ويعظم، قَالَ:
وَلم ينْسب الصَّدَقَة إِلَى نَفسه لِأَنَّهَا أوساخ النَّاس ".
ثَبت أَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَالِي مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْكُم إِلَّا الْخمس وَالْخمس مَرْدُود
فِيكُم» .
وَاخْتلفُوا فِيمَا يفعل فِي سهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد وَفَاته، فَقَالَت
طَائِفَة: يرد على الَّذين كَانُوا مَعَه فِي الْخمس وَأَنَّهُمْ ذووا الْقُرْبَى،
واليتامى وَالْمَسَاكِين، وَابْن السَّبِيل فَيقسم الْخمس كُله بَينهم
أَربَاعًا، وَكَانَ أَحَق النَّاس بِهَذَا القَوْل من أوجب قسم الصَّدقَات
بَين جَمِيع أهل السهْمَان محتجا بقوله: (واعلَمُوا أَنما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَإِنّ لله
خُمسُه) الْآيَة، فَمن حَيْثُ ألزَمَ من قَالَ: أَن الصَّدقَات يجوز
تفريقها فِي بعض السِّهَام دون بعض حكم آيَة الْغَنِيمَة، لزمَه أَن يرد سهم
رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى من مَعَه فِي الْخمس لتشبيه أحد الْقسمَيْنِ بِالْآخرِ، لِأَنَّهُ
لَا قَالَ: إِذا فَقدنَا صنفا من أهل الصَّدقَات رددنا سَهْمه على البَاقِينَ،
وَقد سوى بَين حكم الْآيَتَيْنِ، فَكَذَلِك كل صنف يفقد من أهل
الْخمس يجب رد سهم ذَلِك الصِّنْف على الْأَصْنَاف الْبَاقِيَة، وَلنْ يلْزم فِي
أَحدهمَا شَيْئا إِلَّا لزم فِي الآخر مثله، وَيلْزم ذَلِك من وَجه ثَان وَهُوَ أَنهم